لماذا يكتب الكاتب
هل يكتب الكاتب ليتنفّس؟ أم يكتب ليحدث تغييراً فيمن حوله؟
أم يكتب ليؤثر في رأي قارئه؟ أم يكتب ليتكسّب؟ أم يكتب ليتسلّى؟
أم يكتب ليضيف شيئاً إلى الحياة؟ أم يكتب ليُقال: كاتب؟
تلك توجهات حقيقية تتوزع أهواء الكُتّاب، وكل كاتب يدندن على ليلاه، ولكني أظن أن هناك شيئاً يجمع كل أو
معظم هؤلاء الكتاب الذين فرّقتهم أهدافهم؛ هو القارئ الإيجابي؛ فهو طلبتهم جميعاً، فما كتب الكاتب إلا ليُقرأ، مهما كانت غايته النهائية من الكتابة؛ سواء حمل الأثر الذي تتركه القراءة في الفرد والمجتمع، أم لم يحمل
القارئ الإيجابي :
أعني به ذلك الذي يتفاعل مع ما يقرأ، فيحس بعواطف الكاتب وكأنها تنبعث من فؤاده هو، ويعيش أفكاره
وكأنه فتَّقها معه، أي إنه يبدع المقالة من جديد، بعد أن تلوّنت بألوانه الشخصية، فأصبحت تمثل قضيته الخاصة
جداً؛ فإذا به يحوّلها إلى مادة حديثه في بيته و عمله، أو بين صُحبته، بل ربما نسخها وأهداها، وربما أرسلها
بريداً إلكترونياً إلى بعض خلصائه، وربما نشرها ـ دون إذن صاحبها ـ في مواقع عنكبوتية عديدة؛ وكأنه هو
كاتبها، فهو يتمنى أن يقرأ الناس كلهم ما كتب
القارئ الإيجابي :
هو الذي يقرأ النص بعين هادئة، بصيرة، ناقدة؛ ولكن كما يفهم النقاد النقد، أنه ذلك الفن الذي يمكّن من امتلك أدواته أن يتملّى مضمون النص وشكله، وروحه وتوجهه، وخلفياته ودوافعه،
وطموحاته وخيالاته، فيجعل همه اكتشاف مواطن الجمال؛ ليسلط الأضواء عليها، فيساهم في بناء الذوق العام، ويزيد من رصيد الإنسانية في الجانب الأنضر، والأعلى. فإذا انتهت رحلته الرائدة، وقبل أن يحط عصا السفر الممتع، يلفت نظر الكاتب إلى جوانب القصور، مذكراً بأن ما قال لا يمثل سوى وجهة نظره الشخصية البحتة، التي يراها صواباً، ولكنها تحتمل أن تكون خطأ
القارئ الإيجابي :
هو الذي يوصل صوته إلى الكاتب، فهو يسارع إلى كشف موقفه مما قرأ للكاتب؛ بريداً إلكترونياً، أو مهاتفة، أو حتى رسالة جوال. هذا الموقف إما تأييداً، أو معارضةوذلك بادب جم واحترام تام لاتجريح ولاتشهير وقديكون موقفه مجرد عواطف أحس بها تتفتح في حدائق ضلوعه، فأرسل أريجها لمن استطاع أن يبعثها في نفسه، أو يوقظها، أو ربما يوجدهاكل كاتب .. يتمنى أن يعرف المدى الذي وصلت إليه مقالته في نفوس الناس، هل تقبّلوا فكرته، هل هناك من تبناها، هل هزَّت روح مسؤول فجعلها انطلاقة مشروع ينفع الناس، أو يطوّر أداءه؟نسال الله ان يرزقنا الاخلاص في جميع اقوالنا وافعالنا
موضوع منقول بتصرف يسير